العقلانية العلمية - مجزوءة المعرفة .
.png)
التأطير الاشكالي لمحور العقلانية العلمية
في السياق الحديث، أعادت العقلانية العلمية تقدير العقل بناءً على المعرفة العلمية، حيث تعتبره طاقة فعّالة تسهم في إنتاج المعرفة. لم يعد العقل مجرد بنية ثابتة ومتجاوزة، بل هو في حالة تطور وتكوين مستمر. هذا يثير بعض الإشكالات: ما طبيعة العلاقة التي يمكن أن تجمع بين ما هو عقلي وما هو تجريبي ؟ وكيف يمكن
القول أن هذه العقلانية عقلانية مطبقة تقر بتأثر بنية العقل ومراجعته لمبادئه ومفاهيمه
وقواعده في علاقته الدياليكتيكية مع الوقائع التجريبية ؟ - على ماذا تتأسس النظرية
العلمية؟ هل على العقل أم على التجربة أم عليهما معا؟
المواقف الفلسفية لعلماء الفيزياء:
ألبير إنشتاين:
إن البناء الرياضي النقي يمكنه فهم الظواهر الطبيعية بشكل جيد. يؤمن إنشتاين بأن العقل الخالص يشكل الأساس لفهم الظواهر الطبيعية، ويعتبر البناء الرياضي المحض أساسا لاكتشاف المفاهيم والقوانين التي تساعد على فهم الطبيعة.
غاستون باشلار:
يشدد باشلار على أهمية الحوار بين العقلي والواقعي في بناء النظرية العلمية، حيث يؤكد أن أي مساهمة في الفيزياء تتطلب التكامل بين النظرية والتجربة، وأنه لا يوجد عقلانية فارغة أو اختبارات عمياء.
هانز رايشنباخ:
يرى رايشنباخ أن النظرية العلمية يجب أن تستند إلى التجربة، وأن المعرفة العلمية يجب أن تتم باستخدام مناهج معقولة تطبق على الملاحظة، مع تجنب الاعتماد على المفكرة العقلية المجردة.
بلانشي:
يسعى بلانشي إلى تجاوز العقلانية والتجريبية التقليدية، من خلال بناء عقلانية جديدة تدمج بين العقلانية والتجربية، مما يسمح للعقل بالتكيف مع التجارب ويحث على الابتكار والتجديد باستمرار.
خلاصة تركيبية للمحور:
تحديد طبيعة العقلانية العلمية يعود في الأساس إلى الدور الذي يلعبه العقل في عملية المعرفة بشكل عام وفي بناء النظرية العلمية بشكل خاص. يمكن التمييز هنا بين العقلانية العلمية الكلاسيكية، حيث يعتبر العقل مطلقا وثابتا ومؤمنا بنتائجه بشكل تام، وبين العقلانية المعاصرة، التي أصبح العقل فيها نسبيا وقابلا للتغيير، مع إمكانية تصحيح ذاته، فهو يتمتع بنشاط وفعالية. وبالتالي، فإن العقلانية العلمية المعاصرة تتميز بأنها عقلانية مفتوحة ومتطورة، وهي نتيجة لحوار جدلي مستمر بين العقل والواقع.