مجزوءة المعرفة
تقديم المجزوءة
المعرفة: "هي النشاط
الفكري الذي بواسطته يدرك الإنسان حقيقة العالم الخارجي في بعده المادي والإنساني
من خلال اعتماد مناهج دقيقة ومعقولة".
بعدما استطاع الإنسان(الشخص) أن يحسم في الإشكالات المرتبطة بوجوده
الفردي/الذاتي بوصفه ذاتا مفكرة حاملة لهوية وتتمتع بقيمة وتسعى جاهدة إلى إدراك
حقيقة الإكراهات والقيود المحيطة بها من أجل معانقة الحرية، وبعدما تمكن هذا
الأخير من معرفة طبيعة علاقته بالغير في سياق تاريخي/ وزمني إتجه نحو دراسة
الطبيعة.
وإذا كانت الطبيعة بمختلف عناصرها موضوعا
للعلم فإن العلم في حد ذاته يعتبر موضوعا للفلسفة في حقل معرفي يسمى بالإبستيمولوجيا التي هي الدراسة النقدية للعلم من
خلال تحديد طبيعة مناهجه وتحولاته وانتقالاته من حقبة زمنية إلى أخرى. لذلك اهتمت
الإبستيمولوجيا بمفهومي النظرية والتجربة
بوصفهما العنصران الأساسيان في العلم، ما دامت المعرفة العلمية تتأسس على
التفاعل القائم بين العقل والتجربة في ارتباطهما بكل الإشكالات المطروحة حول عناصر العالم المادي/
الفزيائي.
فما هو مصدر المعرفة العلمية؟
وما السبيل للوصول إلى الحقيقة؟
في سياق الإجابة عن هذا السؤال يمكن التمييز
بين تيارين:
- تيار عقلاني يتزعمه الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يعتبر
أن العقل هو المبدأ المؤسس للمعرفة ولحقيقة الإنسان والعالم.
-
تيار تجريبي يمثله
فرانسيس بيكون إلى جانب جون لوك ودافييد هيوم، ينتصر هذا التيار للتجربة ويعطيها
الأولوية والأسبقية في المعرفة العلمية على اعتبار أن العقل مجرد صفحة بيضاء
(فارغة) تتلون بمعطيات العالم الخارجي.
إن الاختلاف الموجود في المقاربات الفلسفية
لنظرية المعرفة يدفع إلى طرح مزيد من الإشكالات يمكن اعتبارها من صميم اهتمام
الفكر الفلسفي بمبحث المعرفة في ارتباطه بمفهومي النظرية والتجربة من قبيل:
ما
النظرية؟ وما التجربة؟ وما طبيعة العلاقة القائمة بين النظرية والتجربة؟ وهل يمكن
للعقل النظري الرياضي أن يبني المعرفة العلمية في استقلال عن التجربة الحسية؟ وهل
الحقيقة العلمية نتاج فكر أم واقع؟ إلى أي حد يمكن الحديث عن عقلانية علمية؟ و
ماهي معايير الحكم على صحة(صلاحية) النظريات العلمية؟