JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

التاريخ وفكرة التقدم - مجزوءة الوضع البشري


 

المحور الثاني : التاريخ وفكرة التقدم

طرح الإشكال

هل يمكن الحديث عن التقدم في التاريخ؟ وما هو المسار الذي يتخذه هذا التقدم؟ هل هو مسار خطي متصل ومتصاعد أم مسار متقطع ومنفصل؟ هل يخضع التقدم في التاريخ لمنطق يوجهه أم قائم على الصدفة؟ وهل السيرورة التاريخية تتجه نحو غابة محددة؟

1-   التاريخ  سلسلة منتظمة من الظواهر

        لقد انكب مجموعة من الفلاسفة والباحثين في المجتمع الغربي المعاصر على دراسة إشكالية التقدم في التاريخ انطلاقا من خصوصيات  المجتمع الغربي، بحيث اعتقدوا أن التقدم خط تصاعدي متصل انطلق من عصور غابرة في الزمن من(العصر الوسيط-الحديث) إلى العصر التكنولوجي الذي يعرف ازدهارا ملحوظا في جميع المستويات. إن التاريخ الغربي يعرف انتقالا ويشهد تطورا شبيه بالتطور البيولوجي وهذا ما أكده كل من كارل ماركس وفريديك هيغل من خلال دفاعهما عن فكرة اتصال الأحداث التاريخية واستمراريتها. فحسب هيغل ليس التاريخ سوى تجل و تجسيد تدريجي للروح المطلق،أي تحقق تدريجي للكمال والحريةأما بالنسبة لماركس فالتاريخ هو تسلسل لأنماط من الإنتاج كل واحد منها أكثر تقدما من سابقه. فنمط الإنتاج الفيودالي أكثر تقدما من نمط الإنتاج الآسيوي لأنه يضمن الرفاهية لعدد أكبر من الناس، و بناءا على نفس المعيار أيضا يعتبر نمط الإنتاج الرأسمالي أكثر تقدما من نمط الإنتاج الفيودالي، أما نمط الإنتاج الاشتراكي، الذي يعتبره ماركس آخر نمط من الإنتاج ستعرفه الإنسانية، فهو أكثرها تقدما على الإطلاق لأنه يضمن الرفاهية لكل الناس دون استثناء.. وفي نفس السياق ميز هربرت ماركيوز رائد مدرسة فرانكفورت بين التقدم الكمي المرتبط بتراكم تجارب الإنسان على المستوى التقني وعلى المستوى المعرفي وبين التقدم الكيفي المتعلق بالقيم الإنسانية النبيلة كالحرية والكرامة والعدالة والحق والقانون هذا الجانب من التقدم هو الذي من شأنه أن يساهم في تحسين المعاملات الإنسانية وتجنيبها من الوقوع في مجموعة من الممارسات اللاأخلاقية.
2-                        التاريخ ليس سلسلة منتظمة
        انتقد الفيلسوف والأنثروبولوجي الفرنسي  كلود لفي ستروس التصور الغربي لمفهوم التقدم الذي اعتبر المجتمع العربي مصدرا للحضارة  نظرا للتقدم التقني وللرفاهية التي حققها. وأكد في مقابل ذلك على تصور مفاده أن التقدم التاريخي عام ويشمل مجالات مختلفة كالدين والثقافة والعلاقات الاجتماعية، وقد وجد كلود لفي ستروس في المجتمعات البدائية(التروبرياند) أشكالا جديدة تقوم على احترام الإنسان ومساعدته والتضامن معه عكس المجتمعات الغربية التي تعرف حياة فردانية تزيد من تعميق الفوارق بين الطبقات الاجتماعية إلى جانب عدم احترام جملة من المقومات الإنسانية والأخلاقية المرتبطة بطقوس الزواج وطقوس الطعام على سبيل المثال لا الحصر.
خلاصة تركيبية
      نستنتج مما سبق أن التقدم يتخذ أشكالا جديدة ومستويات مختلفة؛ فهناك تقدم تقني وتقدم اقتصادي، وتقدم سياسي وثقافي.
وإذا كان التفكير الغربي قد ربط  مفهوم التقدم بالتقنية والعلم واعتبر أن مركزه هو أوروبا وأمريكا أو العالم الأوروبي والأنجلوساكسوني فإن هناك بعض الأنثروبولوجيين أمثال كلود لفي ستروس ومارسيل موس قد أكدوا على أن التقدم الحقيقي هو التقدم الروحي والثقافي الذي يهدف إلى نهج علاقات إنسانية قائمة على التعاطف والتسامح بوصفها قيم كونية تتصف بها المجتمعات البدائية.


 
 

 

 
الاسمبريد إلكترونيرسالة