JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

الرأي والحقيقة - مجزوءة المعرفة .

المحور الأول: الرأي والحقيقة




تمهيد إشكالي

   إذا كانت الحقيقة كما سبقت الإشارة تعني الصدق والصواب واليقين المطلق لأنها تتأسس على قواعد دقيقة ومعقولة ومتفق عليها فإن الرأي يحيل على الموقف الشخصي الذي يختلف من شخص لآخر بفعل ارتباطه بالحواس ولقيامه على المعتقدات والمبادئ السائدة في المجتمع.
إذا كان الأمر كذلك فما هي طبيعة العلاقة بين الرأي والحقيقة؟ هل الحقيقة استمرار للرأي أم قطيعة معه؟ بمعنى آخر هل تتعارض  الحقيقة مع الرأي أم تتطابق معه؟

1-  تعارض الحقيقة مع الرأي

لقد استأثرت علاقة الحقيقة بالرأي اهتمام الفكر الفلسفي منذ بداياته الأولى؛ أي انطلاقا من الفلسفة اليونانية مرورا بالفلسفة الحديثة وصولا إلى المرحلة المعاصرة.
في هذا السياق يمكن استحضار تصور الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت الذي  دعى إلى ضرورة مراجعة الآراء السابقة من أجل الوصول إلى اليقين ، لذلك فصل بين الحقيقة والرأي على اعتبار أن هذا الأخير يتأسس على الحواس أي أنه ترجمة حرفية ومباشرة للأحاسيس والرغبات والغرائز التي تصدر عن الحواس التي كثيرا ما تخدع الإنسان .وبالتالي ينبغي عدم تصديق المعرفة المبنية على الحواس. كما يرفض ديكارت الرأي لأنه يتأسس على العادات والتقاليد والأعراف السائدة في المجتمع والتي تعتبر حقائق موروثة عن الأجيال السابقة. كما أن الرأي عادة ما يقوم على الأحكام المسبقة التي كثيرا ما تكون خاطئة وتتخذ طابعا عدوانيا وإقصائيا.
أما الحقيقة فتسكن عالم المعقولات وتتأسس على العقل بوصفه نور فطري وهبه الله للإنسان لذلك فهو ضمانة إلهية يستحيل الشك فيها.

2-  تطابق الحقيقة مع الرأي

     انطلاقا من القرن التاسع عشر اتخذت العلاقة بين الرأي والحقيقة علاقة أكثر انسجاما واتصالا وأصبح يعترف بدور الرأي في التأثير على مجموعة من الحقائق العلمية وبذلك تكون المعرفة العلمية امتداد للمعرفة العامية. في هذا السياق يمكن إدراج تصور عالم الفيزياء الأماني "ماكس بلانك" الذي يرى بأن الاختلاف بين الحقيقة والرأي هو اختلاف في الدرجة وليس اختلاف في النوع لأن الاستدلال العلمي أكثر دقة ورصانة وصرامة من الاستدلال العادي. فنظرة العالم للعالم ونظرة الإنسان العادي للعالم هي شبيهة بنظرة الإنسان الراشد بالمقارنة مع نظرة الطفل للأشياء.

خلاصة المحور

إذا كانت العلاقة بين الحقيقة العلمية  والرأي غامضة وملتبسة  - أي أنه لا يمكننا أن نحسم بشكل نهائي في مدى تأثير الرأي على الحقيقة أو عدم تأثيره فيها بحيث نلاحظ التصورات تختلف وتتضارب في مقاربها لهذه الإشكالية- فإن الحقيقة الدينية ظلت متعارضة مع الرأي ومتناقضة معه.
الاسمبريد إلكترونيرسالة