JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

معايير الحقيقة - مجزوءة المعرفة .

المحور الثاني: معايير الحقيقة




تمهيد إشكالي

    يعالج هذا المحور موضوع معايير الحقيقة أي أنه يسعى إلى مقاربة المعيار الذي أو المقياس الذي يمكن من خلاله التمييز بين الحقيقة (العقلية، التجريبية...) واللاحقيقة (الخيال، الوهم، الكذب...) من خلال محاولة الإجابة على السؤال التالي: ما الذي يجعل من الحقيقة حقيقة؟ أي ما المعيار الذي يضفي عليها هذه الصفة؟ هل تكتسب الحقيقة هذه الخاصية انطلاقا من معايير عقلية منطقية أم انطلاقا من معايير مادية تجريبية؟

1-  تصور دافيد هيوم

يرى الفيلسوف الإنجليزي دافيد هيوم في كتابه "بحث في الفهم الإنساني" بأن الموضوعات التي يدرسها العقل تنقسم إلى قسمين حسب معيار الحكم على صحتها وصدقها، فهناك بعض القضايا التي لها طبيعة عقلية لا تتوقف في صدقها على الخارج بل تشترط عدم حدوث التناقض بين منطلقاتها ونتائجها كما توجد قضايا تتوقف في صدقها على الواقع الخارجي لذلك فالحقيقة من النوع الأول صورية وعقلية –معيار منطقي صوري- بينما تكتسب الحقيقة الثانية طابعا ماديا تجريبيا.

2-  روني ديكارت معيار البداهة العقلية

يرى روني ديكارت أن الحقيقة هي كل ما ينتهي إليه العقل وليس ما تمليه علينا الحواس، إذ أن كل القضايا الصادقة والواضحة والبديهية هي قضايا حقيقية ويقينية. ذلك أن الوضوح والبداهة حسب روني ديكارت هما نتيجة لعمليتين فكريتين:
الاستنباط بما هو إدراك عقلي مباشر وبسيط والاستنتاج بما هو استنتاج لقضايا جزئية انطلاقا من قضايا كلية ويقينية.

2-  موقف ميشيل فوكو

      يعالج الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو مسألة الحقيقة من منظور مختلف، بحيث يربطها بالسلطة فالحقيقة هي جزء من مجموع الميكانزمات التي تفرضها السلطة القائمة والتي تتحكم في كل الخطابات التي تنتجها المؤسسات التعليمية والمعرفية والإعلامية والعسكرية. ولذلك يمكن القول بأن السلطة منتشرة في كل الجسد الاجتماعي الموجود تحت مراقبة الدولة. لأن الدولة لا تنتج فقط الآليات السلطوية بل تنتج آليات فكرية تضمن استمرارها. معيار الحقيقة إذن هو سلطة الدولة الساعية إلى فرض الهيمنة.

خلاصة المحور

نستخلص مما سبق أن لا يمكن الحديث عن حقيقة واحدة وثابتة نظرا لاختلاف الحقول المعرفية التي تدعي إنتاج الحقيقة. وما دامت الأخيرة متعددة فإن معايير الحكم عليها ستكون متعددة كذلك، إذ يمكن التمييز بين الحقيقة العقلية والحقيقة التجريبية(دافيد هيوم) وبين الحقيقة المرتبطة بالممارسات الاجتماعية والسياسية، أي المرتبطة بالنسق الاجتماعي.
الاسمبريد إلكترونيرسالة