المحور الثالث
: العلاقة مع الغير
تمهيد إشكالي
.
إن القول بأن الإنسان
كائن إجتماعي أو حيوان إجتماعي بطبعه على حد تعبير الفيلسوف اليوناني أرسطو يقودنا
إلى الإعتراف بوجود العلاقة بين الشخص و الغير كشرط وجودي وكمسألة حتمية لايمكن تجاوزها . لاكن السؤال يبقى مع ذلك
مطروحا حول طبيعة هذه العلاقة .
ما هي طبيعة العلاقة القائمة بين الشخص و
الغير ؟ هل هي علاقة صداقة ومحبة ؟ أم علاقة صراع وعداوة ؟
1-
أرسطو : الصداقة أساس العلاقة بين الشخص و الغير .
يرى الفيلسوف اليوناني أرسطو بأن العلاقة بين
الشخص و الغير تتأسس على الصداقة بإعتبارها فضيلة إنسانية و بوصفها ضرورة ملحة ولا
غنى عنها , فالإنسان كيفما كان إنتماءه وكيف ما كان عمره يحتاج إلى الصداقة , التي
يؤدي تواجدها إلى الإستغناء عن القوانين ما دامت تحافظ على النظام الاجتماعي وتخلق
التوافق و الإنسجام بين الناس .
2- ألكسندر كوجيف : الصراع أساس
العلاقة بين الشخص و الغير .
يرى الفيلسوف الفرنسي ألكسندر كوجيف إنطلاقا
من تأثره بفلسفة فريدريك هيجل القائمة على الصراع بوصفه المحرك الأساسي للتاريخ ,
بأن العلاقة مع الغير لا تتأسس على التعاطف والمحبة بل على الصراع المتواصل , وعلى
مبدأ السيطرة والهيمنة وعلى الرغبة في نيل الإعتراف بذاته من الطرف الآخر . غير أ،
هذا الإعتراف لا يمنح بشكل سلمي بل ينتزع عبر صراع يخاطر فيه الطرفان ( الشخص و
الغير ) معا بحياتهما حتى الموت . إلى أن الموت الحقيقي لا ينتج هذا الإعتراف و
إنما يحققه إستسلام أحد الطرفين برغبته في الحياة عوض الموت . لذلك يمكن القول بأن
التاريخ الإنساني من منظور ألكسندر كوجيف هو تاريخ صراع و تداخل بين السيادة و العبودية .
خلاصة تركيبية .
نستنتج من
خلال ما سبق أن العلاقة مع الغير علاقة معقدة , فمن جهة يبدو الغير صديقا و محبا
ولطيفا إلخ ... يجعلنا نرغب فيه ونتوق إليه كخير أسمى توافقا مع مقولة جون جاك
روسو " الإنسان خير بطبعه " . ومن جهة أخرى يبدوا الغير عدوا و شريرا .
( يقول توماس هوبس : الإنسان شرير بطبعه ).